غزة تترنح بين الحصار والنيران.. موظفو الإغاثة يُغمى عليهم من شدة الجوع
غزة تترنح بين الحصار والنيران.. موظفو الإغاثة يُغمى عليهم من شدة الجوع
أفادت وكالات الأمم المتحدة الثلاثاء بتقارير صادمة عن إغماء موظفيها في قطاع غزة بسبب الجوع والإرهاق الشديد خلال اليومين الماضيين، ما يعكس الوضع الإنساني المتدهور في القطاع جراء الحصار الإسرائيلي.
وقالت جولييت توما، مديرة التواصل والإعلام في الأونروا، إن الأطباء والممرضين والصحفيين والعاملين في المجال الإنساني “يُغمى عليهم أثناء أداء واجباتهم من شدة الجوع والتعب”، مشيرة إلى أن “البحث عن الطعام أصبح قاتلاً كالقصف” وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
أكثر من ألف قتيل أثناء السعي للطعام
تزامن ذلك مع إعلان مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان عن استشهاد أكثر من ألف فلسطيني على أيدي الجيش الإسرائيلي أثناء محاولتهم الحصول على الطعام منذ أواخر مايو الماضي.
وبحسب المتحدث باسم المفوضية، ثمين الخيطان، فقد سُجل استشهاد 1,054 شخصاً حتى 21 يوليو، بينهم 766 قُتلوا قرب مواقع مؤسسة غزة الإنسانية التي بدأت عملها بدعم أمريكي وإسرائيلي، و288 آخرين استشهدوا قرب قوافل مساعدات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات أخرى.
“فخ سادي للموت”
وصفت جولييت توما توزيع الغذاء عبر مؤسسة غزة الإنسانية بأنه “فخ سادي للموت”، حيث يُطلق القناصة النار عشوائياً على الحشود الجائعة، مضيفة أن هذا الأسلوب يمثّل “صيداً جماعياً للأشخاص وسط إفلات تام من العقاب”.
وأكدت أن العمل الإنساني “ليس عملاً للمرتزقة”، داعية إلى تمكين الأونروا والمنظمات الأممية من القيام بمهمتها بأمان وكفاءة.
حياة أشبه بالجحيم
في غزة، ارتفعت أسعار المواد الأساسية بنسبة 4000%، وسط حرمان واسع للسكان من الدخل والمأوى. وروت توما قصة إحدى موظفات الأونروا التي اضطرت للسير ساعات لشراء كيس عدس وبعض الدقيق مقابل نحو 200 دولار.
بحسب برنامج الأغذية العالمي، يواجه ربع سكان غزة ظروفاً تشبه المجاعة، بينما يعاني نحو مائة ألف امرأة وطفل من سوء تغذية حاد وخطر يهدد حياتهم.
حتى المستلزمات الضرورية مثل الحفاضات أصبحت نادرة؛ حيث وصل سعر الحفاضة الواحدة إلى ثلاثة دولارات، ما دفع الأمهات لاستخدام الأكياس البلاستيكية.
شاحنات تنتظر الدخول.. ونداء لوقف إطلاق النار
قالت توما إن لدى الأونروا مخزوناً كبيراً من المساعدات بما في ذلك ستة آلاف شاحنة محملة بالأغذية والأدوية ومستلزمات النظافة تنتظر في مصر والأردن للدخول إلى غزة.
وجددت الأمم المتحدة مطالبتها باتفاق يؤدي إلى وقف إطلاق النار، إطلاق سراح الرهائن، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية بإشراف أممي.
انتهاكات بحق موظفي الصحة
من جهته، أكد المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية طارق ياساريفيتش، أن الجيش الإسرائيلي هاجم مباني المنظمة وسط غزة، ما أسفر عن إصابات وأضرار جسيمة.
أُجبر الموظفون وعائلاتهم، بمن فيهم الأطفال، على الإخلاء تحت القصف، وتعرض بعضهم للتقييد بالأصفاد والتفتيش العنيف، فيما لا يزال أحد موظفي المنظمة محتجزاً دون توجيه تهم.
“كابوس يجب أن ينتهي”
قال المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن الأوامر الإسرائيلية الأخيرة بتهجير السكان رافقها تصعيد عسكري أدى إلى المزيد من القتل والنزوح، محذراً من أن استمرار هذه السياسة “قد يشكّل جريمة حرب” أو حتى “جريمة ضد الإنسانية”.
وطالب إسرائيل، بصفتها قوة محتلة، بضمان وصول الغذاء والدواء فوراً دون قيود، داعياً المجتمع الدولي لوقف الانتهاكات وإنهاء معاناة سكان غزة.
منذ بدء النزاع في أكتوبر 2023، قُتل نحو 1,500 عامل صحي في غزة، فيما تضرر 94% من المرافق الصحية وأصبح نصف المستشفيات خارج الخدمة. يعيش أكثر من مليوني نسمة في القطاع تحت حصار خانق أدى لانهيار اقتصادي وإنساني شامل.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الحاجة لممرات إنسانية آمنة واستئناف عمل منظمات الإغاثة باتت مسألة حياة أو موت لمئات آلاف المدنيين الذين يواجهون خطر المجاعة والأمراض والتهجير القسري.